فيما عدا رجال الجيوش وقوات الأمن، في حالة الاشتباك، لا تجد أبناء مهنة يتعرضون لما يتعرض له فرسان المحاماة من محاذير وأخطار تأتيهم في مباشرتهم لرسالتهم من كل جانب،
ما بين خصم يناويء وينتظر فلتة لسان،
ونيابة تنظر بغير عين الرضا وتحشد إمكانياتها لمحاصرة ودرء ما يسعي المحامي إليه ،
وما بين موازين عديدة يعملها القاضي يغدو إزاءها المحامي كالقافز فوق الأشواك أو الباحث عن موطيء أمان في حقل ألغام!!
ويجري المحامي حسابات هذا كله علي عجل في صفحة وجدانه ، محتملا فيه مخاطر وضغوطا وفلتات الارتجال ،
وهو قوام المرافعات الشفوية التي يحشد فيها حصاد فكره ودراسته للقضية ومداخل وطرق الاقتراب منها والاقناع بها،
مراقبا في الجلسة من محيط موزع المشارب تحتشد بهم ساحات الجلسات ما بين راض وكاره وضيق ورافض ومتربص،
مطالبا وسط هذه الأعاصير بأن يحسن تقديم مسرحيته الاقناعية ـ إن جاز التعبيرـ والتي ينهض وحده بأدوارها الثلاثة: فهو مؤلف النص والمخرج, والمؤدي أيضا..
وكثيرا ما ينزل أداؤه علي آخرين منازل الصاعقة محدثا الرفض وربما الكره والعداوة ،
بل كثيرا ما يدفع المحامي ثمن مناضلته لأداء رسالته من مصالحه وحريته وأحيانا حياته نفسها !!